Thursday 26 July 2012

أعتذر منكم!

أعتذر منكم!
7/27/2012 2:35:00 AM
أعتذر منكم!
لم يرف جفن لعشرات السياسيينالأردنيين وهم يكتبون برقيةتعزية لسفاحدمشق، بمقتلأعضاء "خليةالأزمة"، المسؤولةعن إدارةحرب الإبادةوالتصفية بحق الشعب السوري،ليصفوهم بـ"القادة الشهداء".
وهي الرسالةالتي طارتبها وكالةأنباء "سانا".مرسلو البرقيةكتبوا للسفاحقائلين: "نشارككمالحزن والغضبونواسيكم ونواسيشعبنا الشقيقفي سوريةوالأمة العربيةباستشهاد القادةحسن تركمانيوداود راجحةوآصف شوكتوهشام اختيار،الذين انتقلواإلى رحابربهم تباركوتعالى وهم في اجتماعمخصص لدرءما تواجههسورية من مؤامرة سقطتفي ثناياهاشعارات الإصلاحوالسلمية والمطالبالشعبية..".هكذا،إذن، بجرّةقلم، تصبحالتضحيات والمظاهراتوالمسيرات التيخرجت منذ عام ونصفالعام في سورية، وما تزال، والدماءالتي جرت في مياديندمشق، والجرائموالمجازر التيارتكبت، كل ذلك "مؤامرة"، بينما يوصفمن أصدرواأوامر القتلوالتعذيب والإبادةوالتنكيل بالشعببالأبطال؛ من زجّوا بالجيشالسوري في معركة ضد شعبه، واستخدمواالطائرات في قصف الأحياءوالشوارع، وقتلواالآلاف كما يقتلون النملوالحشرات، وأوغلوافي دماءالشعب، واغتصبواحرمة البيوت،ونهشوا لحم الصغار، بلا أدنى رحمةأو شعوربالمسؤولية!يتناسى هؤلاء أنّ المسيرات والمظاهراتكانت سلميةوبريئة، بل انطلقت عبر الأطفال والنساء،واستمرت أكثرمن عام على هذا النحو، قبل أن يثخنفيهم النظامقتلاً واعتقالاًوإهانة وتدميراً؛فبدأت الانشقاقاتداخل الجيشبعد أن وجد أبناؤهأنفسهم بين أن يقتلواشعبهم أو يُقتلوا، فاختارواالانشقاق لحمايةالمدنيين والدفاععنهم، قبل أن يضطرالمواطنون أنفسهمإلى التسلحدفاعاً عن أعراضهم وكرامتهم،وبعد أن تخلّى المجتمعالدولي عنهم،ولم يبق خيار غير "حرب تحريرشعبية"!بالطبع،الأسماء التينعرفها من الموقعين على العريضة هم من زواروأحباب نظامالسفاح في دمشق، ومن نجوم إعلامهالرسمي، ولا أريد أن أدعوهم للذهابإلى حمص وحماة وديرالزور وإدلبودرعا، بل أضعف الإيمانأن يتوجّهوا -إن كانواصادقين في سعيهم للحقيقة- إلى مخيماتاللاجئين السوريينفي الأردن،حيث آلافالعائلات الهاربةمن الجحيم،ليسألوهم (بعيداً عن "مؤامراتالجزيرة والعربيةوأموال البترودولار،وتركيا، والمؤامرةالكونية"..) عما حدث معهم،وعن جريرتهمالكبيرة التياستحقوا عليهاإحدى أبشعمحارق التاريخ،وعمّا تعرضواله من انتهاكات، قبل أن يتباكىهؤلاء السياسيونعلى أربعةأشخاص أثخنوافي الملايين!بالضرورة، لا أتوقع من هؤلاء أن يقبلوا الاقتراح،إذ لم يسلم الأشقاءالسوريون منهم. لكن أجدنيمضطراً لأعودوأعتذر منكملأنّني وصفتُ ( في مقالتيقبل يومين) الخلاف بينناوبين نخبٍمؤيّدة للنظامالسوري بأنّهخلافٌ على قراءة الأحداثوتحليلها، وليسعلى الهدفأو الموقفالعام من سورية. فعند إعادة النظرفي مواقفهذه النخب،أكتشف أنّ هذا "الوصف" فيه تسطيحواختزال مخلّ! فالمشكلة معهمأعمق بكثيرمن ذلك،وتقع في صلب أفكارهموسلوكهم السياسي،وربما الإنساني،وجوهر الاختلافيكمن ابتداءًفي مدى إيمانهم باحترامحقوق الإنسانوالتنوع والاختلاف،وحق الإنسانفي تقريرمصيره، والحرياتالعامة، وفي قبولهم بالديمقراطيةكأساس للحكم!الموقف من هذه النخبيتجاوز الأزمةالسورية إلى فجوة عميقةوكبيرة معهم؛فشريحة واسعةمن مؤيديالنظام السوريهم من معدن النظامنفسه، نازيونوفاشيون، ولو حكموا لما اختلفت فعائلهمعن فظائعالأنظمة الاستبداديةالشمولية الدموية،وتاريخهم مسكونبالمؤامرات والتصفياتالدموية والسياسية،والإقصائية الأيديولوجية.
(الغد)

No comments:

Post a Comment