Friday 2 March 2012

حمص رمز التحدي وسقوط بابا عمرو لا يعني نهاية الثورة ونظام بشار فقد توازنه ومصيره اما المحكمة الدولية او المشرحة .. رفعت دمر حماة للاب وماهر يسحق حمص للابن والتاريخ يعيد نفسه

2012/03/02
حمص تستغيث
القدس العربي
بابا عمرو، رمز الثورة السورية الحالية هل يتحول الى حماة بشار الاسد؟ وما هو مصير الثورة السورية بعد حمص عنوان تحدي السوريين للنظام، هل سنرى سراييفو – رواندا ام الكونغو، فالجيش السوري قد اطلق على عملياته في حمص وبابا عمرو تحديدا بانها عملية ‘تنظيف’ فقط لكن الحقيقة القذرة بادية للعيان، حسب روبرت فيسك، وامام الهجمة الاخيرة لم يجد الناشطون الا ان يكتبوا وصاياهم ويحضرون للاسوأ.
وفيما يقول الجيش السوري الحر انه لا يزال يسيطر حتى كتابة هذا التقرير على الوضع فهناك تقرير نقل فيه عن ناشطين قولهم لصحيفة ‘ديلي تلغراف’ ان عددا من جنود الجيش وكتائب الثوار قاموا بالانشقاق امام الحصار الجديد وتقدم القوات النظامية في بابا عمرو، فيما قال اخرون ان كتيبة الفاروق التي ظلت تدافع عن الحي قد غادرته. وهناك تقارير اخرى متضاربة عن استمرار المقاومة مع ان الكثير من مقاتلي السوري الحر يتوقعون الاسوأ ويعترفون ان الكلاشينكوف لا يمكنه ان يواجه الدبابات. وبسبب الوضع المتطور ساعة بعد ساعة تضاربت التقارير بسبب انقطاع التيار الكهربائي وانقطاع الاتصالات مع العالم الخارجي.
وقال ناشطون ان المقاتلين المسلحين بأسلحة خفيفة تمترسوا في مواقع لا يمكن للجيش رؤيتها في انتظار الدخول معه في مواجهة. ويعتقد المقاتلون في الداخل والخارج ان النظام يريد تكرار مجزرة حماة عام 1982 والتي راح ضحيتها اكثر من عشرين الفا على اقل تقدير.
تنظيف ام ذبح
ويعلق روبرت فيسك في تقريره لـ (الاندبندنت) على تصريحات مسؤول سوري للاسوشيتد برس حول عملية تنظيف للحي من ‘جيوب الارهابيين’ بقوله ان مجرد ذكر كلمة ‘التنظيف’ هو تذكير ترتعش له الفرائض يسبق ما سيحدث لاحقا، مشيرا الى ان الامم المتحدة رفعت اعداد القتلى الذين قتلوا منذ عام على الانتفاضة الى 7500. ويذكر الكاتب ان الجيش الاسرائيلي استخدم نفس الكلمة عندما اجتاح لبنان عام 1982 والتي قتل فيها على الاقل 17.500. وفي الوضع السوري، فقبل خمسة اشهر من حصار حمص، قال الجيش السوري عن عمليته في حماة المعروفة بمذبحتها انه يقوم ‘بالبحث’ و’التحقيق’. ويقول فيسك ان الجيوش عادة ما تميل الى استخدام الكلام المعسول عندما تريد القيام بعمليات انتهاك حقوق الانسان فالبريطانيون استخدموا ‘تكنيس’ اثناء الحرب العالمية الثانية التي قتل فيها ما يقرب من 60 مليون شخص. وبنفس السياق استخدمت القوات الالمانية كلمة ‘تطهير’ عندما ضربت غيتو وارسو، وايا كان الحال فكل الكلمات ـ تكنيس، تطهير، تحقيق وبحث وقتل جماعي – تشير الى محاولة للتحلل من المسؤولية لانك تقوم بغسل المكان حتى لا تخرج منه الرائحة الكريهة. وفي الوقت الذي يختلف فيه السوريون عن الاسرائيليين والاسرائيليون عن البريطانيين والالمان، وبالعكس فان كلمات مثل هذه تحمل عادة شعورا غير جميل لانها تعكس النوايا الحقيقية.
ويشير للمفارقة الساخرة ان من قاد الحملة على حماة عام 1982 كان رفعت شقيق حافظ الاسد، والآن من يهاجم حمص هو ماهر، شقيق بشار الرئيس الحالي. ويعلق على تصريحات المسؤولين السوريين ان عملية حمص ستكون ‘الحاسمة’، فالجيش ومنذ بداية الانتفاضة يتحدث عن الشهر الحاسم، واستمرت الانتفاضة، وقبل بشار الاسد ظل الجيش العراقي في الحرب مع ايران يتحدث عن الشهر الحاسم واستمرت الحرب ثمانية اعوام. وفي النهاية يقول فيسك انه في حالة نجاح الجيش بسحق المقاومة فاننا سنسمع رواية مختلفة عن الضحايا في حمص. وان الجيش قتل ‘الارهابيين’وهي نفس الكلمة التي استخدمها رفعت في حماة واستخدمها الاسرائيليون في لبنان الالاف المرات.
يجب التحرك حالا
وحتى لو نجح في حمص فالنظام بدون ضغط دولي وتغيير في الموقفين الصيني والروسي لديه القدرة على الانتقال من حمص الى مدينة اخرى ثائرة، مما يعني توسع حمام الدم. ويعلق مارتن فليتشر في ‘التايمز’ بقوله ان هناك اعتقادا بأن مقاتلي الحرية سينتصرون كما في تونس ومصر، لكن سورية الاسد ليست مثالا عن الربيع العربي. مشيرا ان التاريخ يعيد نفسه فالاسد الاب تمكن من النجاة عندما استخدم القوة الضاربة لهدم حماة، وعلينا بالتالي ان لا نسمح لبشار الابن ونظامه بالنجاة بنفس الطريقة لان هذا سيرسل رسالة مخيفة للعالم مفادها ان الطغاة قادرون على النجاة بالقوة، علاوة على ان هذا سيعزز موقف ايران، ومن هنا فان ساعة الفعل حانت وعلينا ان نتوقف عن الكلام، من خلال اقامة منطقة عازلة، فرض حظر دولي على الطيران السوري، وتسليح المعارضة ان اقتضى الامر.
سيلاقي جزاء اعماله
وفي قراءة مختلفة يرى تحليل نشرته ‘الغارديان’ لناشط سوري باسم مستعار ‘فارس شمس الدين’ والذي قال انه حتى لو سحق بشار المقاومة فلن يهرب من مصيره. ويقول التحليل ان سقوط بابا عمرو سيكون ضربة لمعنويات المقاومة السورية لان الحي صار رمزا يعبر عن تحدي السوريين لنظام الاسد، وسيشجع ‘النصر’الاسد لكي يقوم بنفس العملية في مكان اخر من البلاد تعلن فيه انتفاضة مسلحة. مشيرا الى ان النظام سحق كل مقاومة محلية اندلعت منذ العام الماضي، والتي بدأت من مدينة درعا في جنوب البلاد. ففي بداية الانتفاضة كان هناك امل في ان يتصرف الاسد بعقلانية ويحل الازمة بسلام، لكن هذه الايام ذهبت وما قام به في رمضان من قصف مدينة حماة كان دليلا على نواياه، ولم تشهد المدينة بعد العملية العسكرية مظاهرات حاشدة، وكذلك الحال في اللاذقية والرستن ودير الزور. فقط هي مدينة حمص التي ظلت تتحدى النظام ولكنها عاجلا ام اجلا ستلقى نفس المصير فمن السذاجة بمكان ان نتوقع ان يقوم مقاتلو الجيش الحر بمواجهة النظام للابد، ولكن نهاية حمص لا تعني نهاية الثورة. فالانتفاضة ادت الى زحزحة طاولة النظام وافقدتها توازن ارجلها فهناك رجل الامن والجيش اللذان من الواضح انهما لن يكونا قادرين على بسط سيطرتهما على كل سورية وقمع ارادة الشعب السوري.
اما الدعامة الثانية فهي استمرار الاضطرابات المحلية حيث لم يكن النظام قادرا على ضبط منع اندلاع الاضطرابات في حلب ودمشق المدينتين اللتين ظلتا مواليتين للنظام.
اما الدعامة الثالثة فهي خسارة النظام المعركة الاعلامية، فمقتل الصحافيين وهروبهم وتواجدهم الدائم على الحدود واعلام التواصل الاجتماعي لن يمنح نظام الاسد الفرصة للتعتيم على التقارير الاعلامية كما فعل والده مع حماة. ولم يتبق الا الدعامة الرابعة وهي المجتمع الدولي التي اظهر فيها النظام نجاحا بدعم صيني وروسي، لكن هناك اجماعا دوليا يتطور سيؤدي الى زيادة الضغوط على النظام بطريقة لن يكون بمقدور لاي حليف مساعدته.
وفي النهاية يقول الكاتب ان السوريين لم ينتظروا المجتمع الدولي لشن ثورتهم وهم يعرفون ما حدث لحماة من قبل، وفقط تصميم السوريين هو الذي سيسقط النظام وليس الحسابات الجيوبولتيكية ولا اللعب السياسية. وفي الوقت الحالي يحاول الاسد تثبيت ارجل طاولته، ولكنها في لحظة ما ستنهار، وايا كان الوضع فقد يواجه الاسد مصيره في المحكمة الدولية او في المشرحة وعندها لن يلوم الا نفسه.

No comments:

Post a Comment