Friday 2 March 2012



مصدر أردني : وحدهم الإسرائيليون يرفضون تغيير المعادلة في النظام السوري



وطــــــــــــن نيــــــــوز

المراقبة الأردنية الحثيثة لما يجري في سورية لا يوازيها معطيات معلوماتية تساعد عمان في إتخاذ إتجاه سياسي محدد إزاء الأزمة السورية فالمجتمع الدولي يترقب هو الأخر ولا سيناريوهات سياسية أو عسكرية في الأفق القريب حتى تتغير المعطيات على الأرض بمرونة.

لذلك يحافظ رئيس الوزراء الأردني عون الخصاونة على سياسة الثبات في التعامل مع الحالة السورية فلا مجال لقفزات بالهواء أولإجتهادات تنطوي على مجازفة.

والحكمة لا زالت تقتضي بالنسبة للخصاونة وفريقه الوزاري التجاهل الراشد وغير العلني لحالة التحريض التي دخل فيها النادي 'الخليجي' تحديدا ضد نظام الرئيس بشار الأسد والتخندق وراء نصوص الميثاق الدولي التي تمنع المملكة من المشاركة في الحصار الدولي أو الإقليمي حماية للمصالح الذاتية .وفي مقر رئاسة الحكومة وكذلك مؤسسة القصر ووزارة الخارجية يتعامل المسؤولون الأردنيون بحسرة مع تداعيات الملف السوري وتتكاثر التساؤلات القلقة ويشتكي الجميع فعلا من غياب المعلومات وندرة السيناريوهات فحتى الرئيس الأمريكي باراك أوباما ظهر 'بلا أجندة' واضحة تجاه سورية عندما قابله العاهل الأردني الشهر الماضي.

وفي أوساط وزير الخارجية ناصر جوده يلاحظ المستوى الدبلوماسي تزايدا في نشاطات التحريض ضد نظام بشار يمارسها الأصدقاء الخليجيون لكن دون تفسيرات مقنعة أونهايات متوقعة وفي مؤسسات القرار الأخرى تبدو نخبة من كبار المسؤولين في غرفة القرار الأردنية مهووسة تماما بمتابعة الأحداث وإستبطان ما الذي يفكر به الأمريكيون والأوروبيون والأتراك.

وحدهم الإسرائيليون - يؤكد مصدر أردني مطلع جدا لـ'القدس العربي' - يرفضون أي محاولات لتغيير المعادلة في النظام السوري.

قال المصدر: إنهم يعملون خلف الكواليس حسب معلوماتنا ويخشون نظاما إسلاميا متطرفا عند حدود الجولان إذا ما سقط النظام الحالي.

بدورهم ينشط القطريون بحماس في واجهة الجامعة العربية ويحاولون تسويق مشروع يتحدث عن قوات عربية يدعمها المجتمع الدولي لحماية المدنيين السوريين إذا ما أفلتت الأمور.. بمعنى آخر سيناريو ليبي لكن بدون حلف الناتو لكن الأتراك يستبعدون أن ينجح خيار من هذا النوع بدون مناطق حظر طيران.

ومن الواضح أن الرياض تساند كل الجهود لعزلة نظام بشار وبقوة فيما بدأت الإمارات تناور مع الإيرانيين وسط تزايد قناعة الأردنيين بأن شيئا ما ينبغي أن يحصل وفي أسرع وقت ممكن لإنقاذ سورية من حالة فوضى عارمة ستؤدي إلى تغيير شكل الحياة التي نعرفها في الأردن.. قال ذلك رئيس الوزراء الأردني في أحد الإجتماعات.

على الأرض أردنيا ينشغل مركز الأزمات الذي يقوم اليوم بمهام بحثية علمية ويزود القيادة بتقارير إستراتيجية بتقليب الخيارات وإيستعراض المعالجات فالعمل العسكري أو حظر الطيران في سورية له كلفته الأمنية ويتطلب إحتياطات من طراز خاص أما العمل السياسي فسيزيد من الضغط على الحدود الأردنية السورية حسب آخر التقارير.

عليه ينشغل الأردنيون بأسئلة مفصلة ومحددة إذا أفلتت الأمور وإندلعت الفوضى في خاصرتهم الشمالية والكلام هنا عن عملية نزوح جماعية غير طبيعية وهروب جماعي للمزيد من عسكر الجيش السوري ومحاولات 'سلفية وجهادية' محلية لإختراق الحدود ومناطق إشتباك متوترة في السماء المشتركة إذا ما دخل الجميع في أجواء حظر طيران.

مؤخرا زاد على نحو واضح عدد اللاجئين والعسكر الفارين من سورية بإتجاه الأردن فمن ثمانية جنود يفرون بسلاحهم الفردي يوميا إرتفع المعدل إلى 12 وعدد من دخلوا الحدود فعلا يقترب بوتيرة متسارعة من 90 الف مواطن سوري ما بين ثري أو طبقة متوسطة اولاجيء فقير.

هذه أرقام متسارعة قياسا بكلام دمشق عن إستقرار أوضاعها وفقا لإجتماع فني عقده وزير الداخلية الأردني محمد الرعود لكنها أرقام مرشحة لتصاعد مقلق لو إنفتحت الخيارات على فوضى أهلية وحرب طائفية أو عمل عسكري فالسفير السوري في عمان بهجت سليمان يتحدث وسط الأردنيين عن 70 الف سلفي جهادي تجمعوا اليوم في ريف بلاده وعن تهريب أسحلة ويقول الجنرال سليمان ذلك بهدف إقلاق السلطات وتجنب إتهامها بالتراخي.

وبعيدا عن مبالغات السفير السوري تتصور التحليلات الأردنية بأن الرئيس بشار الأسد لم يحصل على 'ضوء أخضر' مطلق من القيادة الروسية وأن الوقت ينفذ منه بالنسبة لموسكو وأن عليه قبل عودة المجتمع الدولي أن يحسم الأمر وبسرعة إما بوضع خطة إصلاح تنهي الأزمة الداخلية أو حتى بالحسم الأمني السريع.

لذلك ترجح المصادر الأردنية أن يكون الهدف من إستدعاء القوات الخاصة السورية لحسم الأمر في حي بابا عمرو وعمق ريف حمص هو شعور دمشق بأن 'مهلة موسكو' شارفت على الإنتهاء فالأمريكون يتحركون ويبحثون في أروقة الأمم المتحدة عن مشروع جديد يخرج بشار الأسد من المعادلة وروسيا لم تمنح حسب المعلومات الأردنية تفويضا مطلقا وبلا سقف زمني وإيران أظهرت التجربة أن التفاهم معها ممكن إذا ما إقتنعت بسيناريو 'نظام بديل' في دمشق مع ضمانات لمصالحها.

وسط ذلك تتلقى عمان وهي تتابع الأنباء وتحاول تشخيص المشهد تقارير من المعارضة السورية تبالغ من جانبها وهي تؤكد بأن ريف سورية خارج سيطرة الأسد.. على الأقل ما سلف يشكل ملامح القراءة الأردنية اليوم للمسألة.
القدس العربي

No comments:

Post a Comment